كلمة المحرر

 

المحاولة الأمريكية للتوصّل إلى اتفاقيّة البقاء في العراق للأبد

 

    

  

 

  

 

 

       طلعت وسائلُ الإعلام المحليَّةُ والعالميَّةُ بأنباء متّصلة عن الاتفاقية الأمنيّة الخطيرة التي تعكف أمريكا هذه الأيامَ على إبرامها مع الحكومة العراقيّة العميلة التي يديرها المدعو بـ"نوري المالكي" والمفاوضات تجري بين العراق وأمريكا باستمرار للتوصل إلى الاتفاقيّة في سرِّيّة تامّة. ونشرتْ صحفيةُ "الإندبندنت" البريطانيّةُ في أوائل يونيو الماضي تقريرًا كشف عن صفقة سريّة يجري التفاوضُ حولَها بين "بغداد" و"واشنطن" من شأنها أن تُمَكِّن الولايات المتحدة من احتلال العراق للأبد مهما كانت نتائجُ الانتخابات الرئاسيّة الأمريكية المزمع إجراؤُها في شهر نوفمبر القادم .

       ومن جانبها ذكرت صحيفةُ "الجارديان" أنها حصلتْ على مُسَوَّدَة من الاتفاقيّة السريّة التي يَرجعُ تاريخها إلى 7/3/2007م (الأربعاء: 16/صفر 1428هـ) والتي تبين أن التدابير اتُّخِذت لوجود أمريكي مفتوح في العراق، حيث إن الغرض منها استبدالُ وصاية الأمم المتحدة بقيادة عسكريّة أمريكية في العراق تضمن لها حريّة الاعتقال، وتطلق يدها في العراق. والاتفاقيةُ مختومةٌ بكلمة "سِرِّيّ" و"حسَّاس" ؛ فالاتفاقيّة الأمنية ليست جديدة، وإنما هي مبيتة منذ وقت طويل .

       والاتفاقيةُ تنص على أن الولايات المتحدة ستحتفظ بإدارة 50 (خمسين) قاعدة عسكريّة ، كما سيحتفظ الجنود الأمريكيون بحصانة مطلقة من القانون العراقيّ ، وتتضمن الاتفاقية إطلاقَ يد الولايات المتحدة ؛ كي تقوم بعمليّات عسكريّة في إطار مكافحة الإرهاب ، وحماية النظام الديموقراطيّ من أيّة انتفاضة شعبيّة أو محاولة انقلابيّة.

       ويرى المحللون أنَّ طبيعة المطالب الأمريكيّة ظلّتْ طيَّ الكتمان حتى الآن ، وأن الاتفاقيّة تُعْتَبَرُ خرقًا رهيبًا للسيادة العراقيّة ، وأنّ الإتفاقيّةَ لوتمّتْ لكان معناها فقدان الحكومة في بغداد شرعيتَها . والأخطر من ذلك أن الاتفاقية تتضمن لواشنطن سيطرةً على المجال الجويّ العراقيّ تحت خطّ 29 ألف قدم .

       والجديرُ بالذكر أنّ الرئيس بوش يعتزم إجبارَ الحكومة العراقيّة على توقيع معاهدة تحالف استراتيجيّ بدون أيّة تعديلات مع نهاية يوليو (2008م) الجاري على أن يتم العمل بها بدءًا من 1/1/2009م.

       وبما أنّ معظم نُوَّاب البرلمان العراقي يعارضون توقيعَ الاتفاقيّة فإن اللافت بشأنها أن وسائل الإعلام الأمريكية سَرَّبتْ نبأً غريبًا مفاده أن الإدارة الأمريكية تحاول شراءَ أصوات النواب العراقيين للتوقيع على الاتفاقية، وقدر مبلغ الرشاوي لكل منهم 3 ملايين دور. والمبلغ مهما كان خطيرًا فإن حصول الولايات المتحدة على موافقة عراقية على الاتفاقية يُشُكِّل مكسبًا كبيرًا لها ؛ لأنّها تُشَرْعِنَ بقاءَها للأبد في العراق ، وتحكُّمَها في مقدرات العراق وخيراته ، واستعبادَها وتسخيرَها لشعبه .

       ولكن الذي يُبَشِّر بالخير هو الخبر الآتي من العراق أن الشرائح السنيّة وبعض الشرائح الشيعيّة أيضًا أبدت معارضتَها القويّة المطلقة لهذه الاتفاقية ، وقررت الحيلولة دون التوقيع عليها.                     [التحرير]

(تحريرًا في : الساعة 7 من يوم الاثنين : 25/6/1429هـ = 30/6/2008م)

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم ديوبند ، الهند . رجب 1429هـ = يوليو  2008م ، العـدد : 7  ، السنـة : 32